كما عودت جماهيرها ،، شكلت بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم في نسختها الثانية والعشرين "خليجي 22" التي اختتمت مؤخرا بالعاصمة السعودية الرياض ، اختبارا صعبا للجميع وسلطت دائرة الضوء على أوجه التفوق وكذلك القصور بالمنتخبات المشاركة ، لكن الاختبار الأكثر قسوة كان من نصيب المدربين ، فكما منحت البطولة أضواء النجومية لمدرب وأظهرت قدرات فاقت التوقعات ، كشفت أخطاء مدرب آخر وافتقاده للفكر التدريبي المأمول.
من الصعب وربما من المستحيل تحديد اسم المدرب الأفضل أو المدرب الأسوأ في خليجي 22 ، لكن إلقاء نظرة شاملة فيما قدمه كل منهم مع الإمكانيات التي توفرت له وفترة الإعداد التي أتيحت لكل فريق ، ربما يجعل التقييم أكثر سهولة ويرشح المدرب الأقرب لوصف الأفضل وكذلك الأقرب لوصف الأسوأ.
ليس من الضروري اعتبار مدرب المنتخب المتوج باللقب هو الأفضل لكن الجزائري جمال بلماضي المدير الفني للمنتخب القطري فرض نفسه بالفعل وربما كان أكبر مفاجآت البطولة لاعتبارات عدة..
كان العنابي ضمن المرشحين للقب لكنه لم يكن على رأس القائمة فقد سبقه المنتخبان الكويتي صاحب ال10 ألقاب والإماراتي بطل النسخة السابقة ، لكن بلماضي نجح في الاستغلال الأمثل لمفاجآت خليجي 22 ليصل بالعنابي إلى النهائي ويقوده للقب غاب عنه عشرة أعوام ليعيد لكرة القدم القطرية هيبتها من جديد.
تجاوز المنتخب القطري الدور الأول بثلاثة تعادلات أمام السعودية (1-1) واليمن (سلبيا) والبحرين (سلبيا) وهو ما اعتبر بداية غير مطمئنة للفريق من حيث النتائج لكن بلماضي انفصل تماما عن أجواء التوقعات وواصل تركيزه على العمل للخروج من البطولة بأكبر مكاسب ممكنة.
ظهرت قدرات بلماضي بشكل أكبر من خلال الدورين قبل النهائي والنهائي ، فالمدرب هو المسؤول الأول على الإعداد النفسي للاعبيه في مواجهة التكهنات وترشيحات الفائز والخاسر ، وكذلك الحفاظ على توازن الفريق خلال المباراة أيا كانت النتيجة.
في الدور قبل النهائي ، كانت أغلب التوقعات تصب لصالح المنتخب العماني الذي فجر مفاجأة بفوز تاريخي على الأزرق الكويتي 5-صفر في آخر مبارياته بالدور الأول ، وتقدم المنتخب العماني بالهدف الأول في شباك قطر ليظن الكثيرون أن العنابي يقف على بوابة الخروج ، لكن عمل بلماضي ظهر من خلال احتفاظ لاعبيه بالهدوء والثقة ليستعيد الفريق توازنه سريعا ويتعادل في الشوط الأول قبل فرض سيطرته خلال شوط المباراة الثاني وحسم بطاقة التأهل بثنائية علي قمبر.
وعندما تكررت المواجهة مع السعودية في النهائي ، لم يتأثر بلماضي بالدعم الجماهيري الهائل لأصحاب الأرض وأظهر براعة في قدرته على إيجاد الحلول ليختتم البطولة بشكل مختلف تماما عن افتتاحها.
فقد لجأ بلماضي إلى تشتيت نظيره لوبيز كارو مدرب السعودية من خلال تغييراته التكتيكية المستمرة حسب متطلبات المباراة ، وقاد فريقه للسيطرة على مفاتيح لعب الأخضر تماما وتشتيته لتكون الكلمة الأخيرة للعنابي الذي حول تأخره بهدف مبكر إلى الفوز 2-1في النهاية.
بشكل عام ، عرف بلماضي قدرات لاعبيه جيدا ولعب بالتكتيك المناسب لإمكانيات الفريق ونجح في إيجاد الحلول السريعة والمناسبة خلال كل مواجهة من دفاع وضغط ومراقبة واستحواذ ، ليصنع بصمة تدريبية مشرفة رفعت من سقف التوقعات لما سيحققه الفريق في المحطة القادمة عندما يخوض العنابي غمار كأس آسيا 2015 .
أما عن الخاسر الأكبر من المدربين بالبطولة ، فربما يكون جورفان فييرا المدير الفني للمنتخب الكويتي هو الأقرب لاعتباره المدرب الأكثر إخفاقا في البطولة ، بعد السقوط المدو للفريق الأكثر تتويجا باللقب الخليجي.
البداية كانت محفزة ، فقد حالف الحظ المنتخب الكويتي بشكل كبير واستفاد من الأخطاء التحكيمية ليتجاوز العراق 1-صفر محققا أول انتصار في البطولة التي أفتتحت بثلاثة تعادلات ، رغم عدم تقديم الأداء الذي يمنحه الجدارة بالنقاط الثلاث.
وفي المباراة الثانية أخفق فييرا في تطبيق الخطة المناسبة للتعامل مع البداية الهجومية التي كانت متوقعة من جانب المنتخب الإماراتي ليتقدم الأبيض بهدفين ، لكن الأزرق استفاق واستفاد من المهارات الفردية لنجومه وخطف التعادل بهدفي يوسف ناصر وبدر المطوع.
السقوط المدوي جاء في الجولة الثالثة ، فقد خاض فييرا المباراة بعقلية تحقيق المطلوب فقط حيث كان التعادل كافيا لتأهل الأزرق مع عمان ، وكانت النتيجة تقديم شوط أول ممل ومنح الفريق العماني ثقة قادته لتحقيق أكبر انتصار بالبطولة ، حيث تقدم بهدف في نهاية الشوط الأول أربك لاعبي الأزرق وأخفق فييرا في إيجاد أي حل لينهار الأزرق في الشوط الثاني بأربعة أهداف أخرى ويخرج من البطولة بحسرة لن تنساها جماهيره بسهولة.
بشكل عام ، دعم فييرا صحة الانتقادات التي واجهها منذ فترة وأظهر أنه لا يملك الفكر التدريبي المطلوب لقيادة الأزرق إلى النتائج التي تليق به ، ليكتب نهاية مشواره المتوقعة ويضع الاتحاد الكويتي أمام مهمة عاجلة لاختيار من لديه القدرة على تصحيح الأوضاع بأسرع شكل ممكن قبل المحطة المقبلة بالبطولة الآسيوية.
بلماضي أعاد للكرة القطرية هيبتها.. وفييرا...!